الاستثمار بحسب القواعد والضوابط الاسلامية
تقوم الأسواق المالية بمهمة رئيسية في دعم الاقتصاديات، ويدرج بعض الباحثين الأسواق المالية وتنميتها ضمن إعمار الأرض والذي هو من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، ويوجد في الوقت الحاضر العديد من منتجات وخدمات سوق رأس المال الإسلامي مثل: الأسهم المتوافقة مع الشريعة والصكوك وصناديق الاستثمار الإسلامية وصناديق الاستثمار العقاري المتداولة الإسلامية وصناديق المؤشرات المتداولة الإسلامية، كما وتتضمن أسواق رأس المال الإسلامية شركات الاستثمار الإسلامية والتي تعد من أهم مكونات أسواق رأس المال الإسلامية والتي تعكس مفهوم الأدوات الاستثمارية القائمة على صيغ المشاركة.
وتكمن أهمية الأسواق المالية الإسلامية في كونها تؤدي دوراً حيوياً كونها وسيطا بين وحدات العجز ووحدات الفائض في ضوء مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، كما أنها توفر مناخاً داعماً لأسواق الأسهم ووعاء لحفظ المدخرات وتنميتها عن طريق المساهمة والمشاركة في الشركات الناجحة ذات المستقبل الواعد.
الأسواق المالية الإسلامية الكفؤة والملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية تساعد في الاستقرار المالي، في هذا السياق يقول لاسكين في معرض حديثه عن الأزمة المالية العالمية “لا شيء يلزم للحد من المضاربة سوى الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية”، وفي هذا السياق يشير السبهاني إلى أن أهم ما يلزم لمشروعية المعاملات المالية الإسلامية ومن ضمنها منتجات الأسواق المالية الإسلامية هو سلامة النية ثم سلامة المبنى ثم سلامة المآل.
إن الصناعة المالية الإسلامية تنطلق من مفاهيم وقواعد مهمة في فقه المعاملات المالية في الإسلام تمثل جانباً مهماً للمرجعية الشرعية لها، فأهم هذه القواعد هي القواعد الفقهية الخمس الكبرى، وهي الأمور بمقاصدها، والمشقة تجلب التيسير، والضرر يزال، واليقين لا يزول بالشك، والعادة محكمة. إضافةً لذلك فإن هناك قواعد شرعية رئيسية تحكم المعاملات المالية الإسلامية، وأهمها أن الأصل في البيوع الحل، والأصل في العقود والشروط الإباحة، والأصل في المعاملات الصحة، وتحريم أكل أموال الناس بالباطل، والمسلمون عند شروطهم والعبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني، إضافة لذلك فإن الصناعة المالية الإسلامية تدور في مدار تحقيق مقاصد الشريعة الخمسة وهي حفظ الدين والنفس والعرض والنسل والمال.
إن هذه القواعد والضوابط المذكورة آنفاً توضح مدى عناية الشريعة الإسلامية بالمال جمعاً وإنفاقاً وذلك بأن يكون المال حلالاً وتكون الوسائل المؤدية لكسبه وجمعه حلالاً، وكذلك بأن يكون الإنفاق على ما هو جائز ومباح شرعاً، ومن هذه القواعد تنطلق صناعة الأسواق المالية الإسلامية والتي تعد أحد قطاعات الصناعة المالية الإسلامية التي تجتذب شريحة كبرى من أصحاب المصلحة كالمساهمين في الشركات بأنشطتها المختلفة وحملة وحدات الصناديق الاستثمارية والصكوك وأصحاب المحافظ الاستثمارية والذين يرغبون في أن تكون استثماراتهم وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية في كافة مراحل الاستثمار.
ومن الجدير ذكره أن شركات الاستثمار في المملكة العربية السعودية بشكل خاص وفي دول مجلس التعاون الخليجي بشل عام تعد مكوناً رئيسياً من مكونات أسواق المال وذلك بكونها مرخصة من هيئات الأسواق المالية في بلدانها وتمارس نشاطاً أو أكثر من أنشطة الأوراق المالية وهو ما يمكن التعبير عنه بأن شركات الاستثمار هي أشخاص مرخص لها، حيث شهدت الأسواق المالية الإسلامية تطوراً منذ ثمانينيات القرن الماضي، وساعد في ذلك صدور فتاوي شرعية وقرارات مجمعية حول الأسواق المالية الإسلامية ومنها تلك القرارات الصادرة عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي والمعيار الشرعي رقم 21 والصادر هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية رقم 21 والخاص بالأسهم والسندات وهو ما ستناوله بإسهاب في المقالات القادمة بإذن الله
د. محمد الشرفا
الشريك المدير – شركة أصول للاستشارات الشرعية
سلسلة مقالات الأسواق المالية الإسلامية – بالشراكة مع شركة رزين المالية