تملّك العقار خارج السعودية فرصة جيدة فكيف تخطط لشرائه
عندما نتحدث عن شراء العقار الأجنبي بالنسبة للسعوديين فأول ما سيخطر على البال مدينة دبي ودولة مصر وتركيا بالنسبة لشريحة كبيرة من المواطنين، ولكن كما نعلم فهذه المعاملات انتجت لنا تجارب متعددة، إيجابية وسلبية، يمكن استخدامها دروسا جيدة لمن يخطط لشراء عقار سكني جديد في دولة أجنبية.
إن كنت تخطط لتملك عقارا في دولة أجنبية فمن المفترض قبل ذلك أن تسأل/تسألي نفسك سؤالا مهما وهو : ما هو الهدف من تملك العقار؟ وهل هو من أجل السكن أو من أجل الاستثمار؟
ما هو الهدف من تملك العقار؟ هل هو من أجل السكن أو من أجل الاستثمار؟
سؤال مهم يجب طرحه قبل شراء العقار
لتكون الأمور واضحة، يمكنك أن تخطط لتملك العقار في الدولة الأجنبية من أجل السكن ولكن لا يمكنك استخدامه في نفس الوقت من أجل الاستثمار ! الأمر يعود ببساطة للاعتبارات المرتبطة بمدة الاحتفاظ بالعقار، فتملكه من أجل السكن يكون لمدة طويلة تتجاوز 10 سنوات، وغالبا من أجل فترة التقاعد، أما تملكه من أجل الاستثمار فيكون لمدة أقل من 10 سنوات، وفي الغالب يكون دافعه الأساسي تحقيق عائد رأسمالي خلال فترة محدودة.
تنوي تملك العقار في دولة أجنبية من أجل السكن
الكثير من السعوديين يقع في فخ اللغة أو الديانة عندما يفكر باختيار دولة أجنبية معينة لتملك العقار للسكن فيها، معتقدا بأن الخيار المناسب هو أن تكون الدولة التي تتحدث العربية أو تنتهج الدين الإسلامي، فيتملك في الدولة الأجنبية بدون عمل الدراسة الضرورية للبيئة القانونية والسياسية والاقتصادية والبنية التحتية، فيقع ضحية لحسن نيته.
على سبيل المثال، الكثير من الذين تملكوا عقارا من أجل السكن في دول خليجية أو عربية أو اسلامية يواجهون الآن مصاعب في التعامل مع إدارة العقار ومصاريفه المختلفة، والتعامل مع النزاعات القانونية المختلفة، بالإضافة إلى تذبذبات سعر العملة الذي أثر بشكل كبير على قيمة عقاراتهم في هذه الدول الأجنبية. ناهيك أن بعض هذه الدول أهلها يكرهون الأجانب بشكل عام، وبعضها ربما يكرهون السعوديين والعرب تحديدا مع أنهم أيضا مسلمين!
عندما تخطط لتملك عقارا من أجل السكن بشكل فردي (غير مؤسسي) في دولة أجنبية تأكد في البداية أنها في إحدى الدول المتطورة كالولايات المتحدة الأمريكية أو دول الاتحاد الأوروبي، وذلك لكي تقلل من مخاطر خسارتك للعقار بشكل كامل، حيث تتميز هذه الدول باستقرار في بيئتها السياسية والقانونية والاقتصادية على المدى الطويل. إضافة إلى ذلك، اسواقها العقارية في الغالب تتبع قانونا متعارف عليه كالقانون المدني أو الانجليزي، ومستوى الشفافية فيها عالية تسمح لك بدراستها والتنبؤ بمستقبلها بشكل لا بأس به.
بعد ذلك، يمكنك اختيار اللغة والديانة التي تراها مناسبة من أجل تعلمها والتأقلم معها، فعندما تخطط للسكن في دول أجنبية (غير مسلمة) فمن الجيد أن تتعلم مهارات ومعارف جديدة تجعل من حياتك أكثر متعة وتحدي وتبقيك والعائلة في شباب دائم. (ان كنت تفضل المسلمين فلا يوجد أجمل من العيش في السعودية).
من الدول غير الإسلامية المفضلة للسكن هي الدول التي يتميز أهلها بخليط من الديانة المسيحية أو اليهودية. فخلاف ما نشاهد في الأفلام والمسلسلات الأجنبية، العادات والتقاليد الخاصة باهل البلد المسيحيين واليهود قريبة جدا من العادات الجيدة للمسلمين، لذا من الجيد أن يكون السكن الذي تتملكه يقع بينهم لتقلل المخاطر على نفسك و أهلك وممتلكاتك، وتبقى مهمتك بأن تجذبهم بتعاليم دينك الإسلامي السمحة.
والأهم من ذلك كله هو أن تكون تكلفة المعيشة موازية لدخلك الحالي وما بعد التقاعد، كما يجب أن تقوم بحساب المصاريف الضرورية المتوقعة لصيانة وإدارة العقار، بما في ذلك المحامي الذي ستستعين به وشركات الصيانة والبناء، والرسوم الدورية التي ستدفعها سواء للجهة المشرفة على العقار أو الرسوم الحكومية المختلفة التي يمكن أن تشمل ضرائب سنوية على الأصول يمكن أن تصل في بعض الأحيان 3% من قيمة العقار. (الدول التي تفرض ضرائب على أصول تتجاوز 5% مرجح الا تكون جيدة للسكن)
أخيرا، من المفترض أن تضع خطة إضافية لتقليل مصاريف ملكية العقار، سواء كان ذلك عن طريق التأجير المؤقت للعقار عندما يكون غير مستخدما، أو استثمار قيمة مماثلة لقيمة العقار في الصكوك الحكومية السعودية ذات عائد سنوي أكبر من 3%، أو أن يكون تملكك للوحدة العقارية من ضمن تكتل مجموعة متجانسة من الأفراد السعوديين وذلك للمشاركة في المصاريف وأيضا الاستفادة من قوة المجموعة أثناء المفاوضات مع بائع الوحدات العقارية المخطط تملكها.تنوي تملك العقار في دولة أجنبية لغرض الاستثمار
تنوي تملك العقار في دولة أجنبية لغرض الاستثمار
يخطئ الكثير من الأفراد الاعتقاد، عندما يتملكون عقارا أجنبيا من أجل السكن، بأنهم يستطيعون تخصيصه للاستثمار أيضا، خالطين بين مبدأ الإدخار والاستثمار، فيقعون في فخ الخسارة نتيجة لارتفاع التكاليف الشخصية كالجهد والوقت وازدياد حجم المصاريف الضرورية لادارة العقار من أجل الاستثمار.
عندما تشتري عقارا للسكن الشخصي لن تحتاج لشركة تشرف على أعمال الصيانة والنظافة للعقار، ولن تحتاج لمحامي يساعدك في صياغة عقود التأجير وتطبيقها ومراجعة المحاكم عند الاختلاف عليها مع الأطراف الأخرى، ولن تحتاج لدفع رسوم إضافية للبلدية، ولن تحتاج أيضا لأعمال أخرى متعلقة بتأجير العقار، لهذا مصاريفك ستكون محدودة جدا.
ولكن بمجرد تفكيرك باستثمار العقار فيجب أن تخطط لكافة الأعمال ومصاريفها المذكورة في الفقرة السابقة. وإن قررت أن تقوم بمهام هذه الجهات بشكل شخصي فستكون مغامرة عبثية تعرضك للكثير من المتاعب والأخطاء التي ستكلفك الكثير، فالقوانين المتعلقة بالقطاع العقاري في الدول الأجنبية أكثر تعقيدا وتطورا مما لدينا في السعودية.
بشكل عام، لكي تكون عملية الاستثمار الفردي المباشر في العقار الأجنبي، من المفترض أن تتجاوز قيمة المحفظة الاستثمارية مستوى 10 مليون ريال لكي يمكن تغطية مصاريف الاستثمار بشكل مناسب ولتنويع المحفظة العقارية من أجل تقليل المخاطر. فمصاريف الاستثمار يمكن أن تتراوح ما بين 1 إلى 5% من المحفظة بما فيها المصاريف التي لا يمكن تعويضها وتسمى باللغة الإنجليزية (Sunk costs) والتي تتضمن اجور التقييم والفحص والمعاينة وخلافه.
الأجدر من ذلك هو الاستثمار في العقارات الأجنبية عن طريق صناديق الاستثمار العقارية المتداولة وتسمى REITs أو Real Estate Investment Trust وهي متوفرة عن طريق الكثير من شركات الوساطة المالية الدولية المختلفة ويمكن دخولها والخروج منها بسهولة وبتكاليف محدودة مقارنة بالاستثمار المباشر في العقارات الأجنبية، وعوائدها السنوية يمكن أن تصل لأكثر من 100% خلال خمس سنوات. (أنظر لجدول قائمة بأداء 166 صندوق REITs أمريكية للسنوات الماضية أدناه)